كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَدَّدَ فَالْأَوَّلُ) بَقِيَ مَا لَوْ أَذَّنُوا مَعًا وَمَا لَوْ تَعَدَّدَ الرَّاتِبُ وَأَذَّنُوا مَعًا فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُ شَمِلَ تَعَدُّدَ الرَّاتِبِ.
(قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَحَلٍّ لِلْجَمَاعَةِ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُؤَذِّنُ وَاحِدٌ إلَخْ) هَلْ يُسَنُّ تَعَدُّدُ أَذَانِ قَضَاءِ الصُّبْحِ سم، وَالْأَقْرَبُ هُنَا وَفِيمَا إذَا لَمْ يُؤَذِّنْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَنَّهُ يَسُنُّ أَذَانًا نَظَرًا لِلْأَصْلِ كَمَا طُلِبَ التَّثْوِيبُ فِي أَذَانِ فَائِتِهَا نَظَرًا لِذَلِكَ ع ش وَفِيهِ وَقْفَةٌ.
(قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَاخْتِيرَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَحِكْمَتُهُ) أَيْ: حِكْمَةُ سَنِّ مُؤَذِّنَيْنِ لِلْمَسْجِدِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا لَا تُسَنُّ إلَّا لِحَاجَةٍ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ اتَّسَعَ) إلَى قَوْلِهِ خِلَافًا إلَخْ فِي الْمُغْنِي، وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَإِلَّا أُقْرِعَ لِلِابْتِدَاءِ.
(قَوْلُهُ: تَرَتَّبُوا إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَعِنْدَ التَّرْتِيبِ لَا يَتَأَخَّرُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ لِئَلَّا يَذْهَبَ أَوَّلُ الْوَقْتِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُقْرِعَ) أَيْ: وَإِلَّا يَكُنْ فِيهِمْ رَاتِبٌ، أَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ مُرَتَّبِينَ وَتَنَازَعُوا فِي الْبَدَاءِ أُقْرِعَ إلَخْ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِاخْتِلَاطِ الْأَصْوَاتِ) أَيْ اشْتِبَاهِهَا ع ش.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَاحِدٌ) أَيْ: بِالْقُرْعَةِ إذَا تَنَازَعُوا نَعَمْ لَنَا صُورَةٌ يُسْتَحَبُّ اجْتِمَاعُهُمْ فِيهَا عَلَى الْأَذَانِ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَهِيَ أَذَانُ الْجُمُعَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ لَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ ثَمَّ بِأَنَّ السُّنَّةَ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحِدٌ نِهَايَةٌ وَقَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ ع ش عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوَاحِدٌ قَالَ فِي الْكَنْزِ بِالرِّضَا، أَوْ بِالْقُرْعَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَرَ إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا يَقَعُ لِلْمُؤَذِّنَيْنِ فِي رَمَضَانَ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَذَانِ عَلَى الْفَجْرِ كَافٍ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَقَدْ يُقَالُ مُلَاحَظَةُ مَنْعِ النَّاسِ مِنْ الْوُقُوعِ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى الْفِطْرِ أَنَّ آخِرَ الْأَذَانِ إلَى الْفَجْرِ مَانِعٌ مِنْ كَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى وَلَا يُقَالُ لَكِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى مَفْسَدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ صَلَاتُهُمْ قَبْلَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ عِلْمهمْ بِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِالْأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ وَحَامِلٌ عَلَى تَحَرِّي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِتَيَقُّنِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ ظَنِّهِ. اهـ. وَفِيهِ تَوَقُّفٌ، بَلْ الْأَقْرَبُ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: أَقَامَ الرَّاتِبُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيُقِيمُ الرَّاتِبُ، ثُمَّ الْأَوَّلُ أَيْ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ رَاتِبٌ، أَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ رَاتِبِينَ فَلِيَقُمْ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِهِ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ أَذَّنَا مَعًا أَيْ وَتَنَازَعَا فِيمَنْ يُقِيمُ فَالْقُرْعَةُ انْتَهَى وَهُوَ شَامِلٌ لِلرَّاتِبَيْنِ سم.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ فَقَطْ أَقَامَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وُجِدَ الرَّاتِبُ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ أَوْلَى بِالْإِقَامَةِ مَا لَمْ يَكُنْ الرَّاتِبُ غَيْرَهُ فَيَكُونُ الرَّاتِبُ أَوْلَى. اهـ. وَهِيَ تَقْتَضِي تَقْدِيمَ الرَّاتِبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَدَّدَ) أَيْ: غَيْرُ الرَّاتِبِ وَمِثْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ تَعَدَّدَ الرَّاتِبُ وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ فَاعِلِ تَعَدَّدَ مُطْلَقَ الْمُؤَذِّنِ لِيَشْمَلَ مَا ذُكِرَ لِصِدْقِهِ حِينَئِذٍ بِمَا لَوْ أَذَّنَ رَاتِبٌ وَغَيْرُهُ وَكَانَ أَذَانُ غَيْرِ الرَّاتِبِ أَوَّلًا فَإِنَّ الْمُقِيمَ هُوَ الرَّاتِبُ حِينَئِذٍ أَيْضًا، ثُمَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ إذَا تَرَتَّبُوا فَإِنْ أَذَّنُوا مَعًا مُجْتَمَعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ فِي نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ الْإِقْرَاعُ بَصْرِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ سم عَنْ الرَّوْضِ مَا يُوَافِقُهُ.
(وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ) كَالْإِقَامَةِ بِأَنْ يُفَسِّرَ اللَّفْظَ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِسَمَاعِهِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي السُّورَةِ لِلْمَأْمُومِ وَلَوْ جُنُبًا وَحَائِضًا (مِثْلُ قَوْلِهِ) بِأَنْ يَأْتِيَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْهَا كَذَا اقْتَصَرُوا عَلَيْهِ لَكِنْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ الِاعْتِدَادَ بِابْتِدَائِهِ مَعَ ابْتِدَائِهِ فَرَغَا مَعًا أَمْ لَا وَتَبِعَهُ فِي مَوْضِعٍ كَجَمْعٍ لَكِنِّي خَالَفْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَبَيَّنْت أَنَّهُ لَا تَكْفِي الْمُقَارَنَةُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الْعِمَادِ قَالَ رَدًّا عَلَيْهِ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ أَنَّهَا لَا تَكْفِي لِلتَّعْقِيبِ فِي الْخَبَرِ وَكَمَا لَوْ قَارَنَ الْإِمَامُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَا هُنَا جَوَابٌ وَهُوَ يَسْتَدْعِي التَّأَخُّرَ وَمُرَادُهُ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ ثَمَّ مَكْرُوهَةٌ فَلْتُمْنَعْ هُنَا الِاعْتِدَادَ وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْهُ، ثُمَّ؛ لِأَنَّهَا ثَمَّ خَارِجِيَّةٌ وَهُنَا ذَاتِيَّةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُ لِلْأَوْلَوِيَّةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا هُنَا جَوَابٌ وَذَاتُهُ تَقْتَضِي التَّأَخُّرَ فَمُخَالَفَتُهُ ذَاتِيَّةٌ وَمَا هُنَاكَ أَمْرٌ بِمُتَابَعَةٍ لِتَعْظِيمِ الْإِمَامِ وَمُخَالَفَتُهُ مُضَادَّةٌ لِذَلِكَ فَهِيَ خَارِجِيَّةٌ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الطَّبَرَانِيِّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا وَاحِدًا فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَآخَرَ قَالَ الْحَافِظُ الْهَيْتَمِيُّ لَا أَعْرِفُهُ «أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَجَابَتْ الْأَذَانَ، أَوْ الْإِقَامَةَ كَانَ لَهَا بِكُلِّ حَرْفٍ أَلْفُ أَلْفِ دَرَجَةٍ وَلِلرَّجُلِ ضِعْفُ ذَلِكَ» وَلِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: «إذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» وَأَخَذُوا مِنْ قَوْلِهِ مِثْلَ مَا يَقُولُ وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا تَسْمَعُونَ أَنَّهُ يُجِيبُ فِي التَّرْجِيعِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرْتِيبِهِ الْقَوْلَ عَلَى النِّدَاءِ الصَّادِقِ بِالْكُلِّ، وَالْبَعْضِ أَنَّ قَوْلَهُمْ عَقِبَ كُلِّ كَلِمَةٍ لِلْأَفْضَلِ فَلَوْ سَكَتَ حَتَّى فَرَغَ كُلُّ الْأَذَانِ، ثُمَّ أَجَابَ قَبْلَ فَاصِلٍ طَوِيلٍ عُرْفًا كَفَى فِي أَصْلِ سُنَّةِ الْإِجَابَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَبِهَذَا الَّذِي قَرَّرْته فِي الْخَبَرِ يُعْلَمُ وَهْمُ مَنْ اسْتَدَلَّ بِهِ لِمَقَالَةِ الْإِسْنَوِيِّ وَيَقْطَعُ لِلْإِجَابَةِ نَحْوَ الْقِرَاءَةِ، وَالدُّعَاءِ، وَالذِّكْرِ وَتُكْرَهُ لِمَنْ فِي الصَّلَاةِ إلَّا الْحَيْعَلَةَ أَوْ التَّثْوِيبَ، أَوْ صَدَقْت فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ وَلِمُجَامِعٍ وَقَاضِي حَاجَةٍ بَلْ يُجِيبَانِ بَعْدَ الْفَرَاغِ كَمُصَلٍّ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْجُنُبَ، وَالْحَائِضَ لَا يُجِيبَانِ لِخَبَرِ: «كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» وَلِخَبَرِ: «كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ إلَّا لِجَنَابَةٍ» وَهُمَا صَحِيحَانِ وَوَافَقَهُ وَلَدُهُ التَّاجُ فِي الْجُنُبِ لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ حَالًا لَا الْحَائِضِ لِتَعَذُّرِ طُهْرِهَا مَعَ طُولِ أَمَدِ حَدَثِهَا وَيُجِيبُ مُؤَذِّنَيْنِ مُتَرَتِّبَيْنِ سَمِعَهُمْ وَلَوْ بَعْدَ صَلَاتِهِ وَالْأَوَّلُ آكَدُ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَّا أَذَانَيْ الْفَجْرِ، وَالْجُمُعَةِ فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ وَلَوْ سَمِعَ الْبَعْضَ أَجَابَ فِيمَا لَا يَسْمَعُهُ (إلَّا فِي حَيْعَلَتَيْهِ) وَهُمَا حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَحَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ (فَيَقُولُ) عَقِبَ كُلٍّ (لَا حَوْلَ) أَيْ تَحُولُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ.
(وَلَا قُوَّةَ) عَلَى الطَّاعَةِ وَمِنْهَا مَا دَعَوْتنِي إلَيْهِ (إلَّا بِاَللَّهِ) فَجُمْلَةُ مَا يَأْتِي بِهِ فِي الْأَذَانِ أَرْبَعٌ وَفِي الْإِقَامَةِ ثِنْتَانِ لِمَا فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «مَنْ قَالَ ذَلِكَ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» (قُلْت وَإِلَّا فِي التَّثْوِيبِ فَيَقُولُ صَدَقْت وَبَرِرْت) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)؛ لِأَنَّهُ مُنَاسِبٌ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةَ لِخَبَرٍ فِيهِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ وَقِيلَ يَقُولُ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ فِي كُلٍّ مِنْ كَلِمَتَيْ الْإِقَامَةِ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ، وَالْأَرْضُ وَجَعَلَنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِهِ وَبِحَمْلِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ فِي قَوْلِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْمُمْطِرَةِ، أَوْ نَحْوِ الْمُظْلِمَةِ عَقِبَ الْحَيْعَلَتَيْنِ: «أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» يُجِيبُهُ بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَقَوْلُهُ ذَلِكَ سُنَّةٌ تَخْفِيفًا عَنْهُمْ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ مِثْلُ قَوْلِهِ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ أَنَّهُ سُئِلَ وَرَدَّ أَنَّ السَّامِعَ لِلْمُؤَذِّنِ فِي حَالِ قِيَامِهِ لَا يَجْلِسُ وَفِي حَالِ جُلُوسِهِ يَسْتَمِرُّ عَلَى جُلُوسِهِ وَذَكَرُوا أَنَّهُ إذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ لَا يَتَوَجَّهُ مِنْ مَكَانِهِ لِمُخَالَفَةِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ إذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ أَدْبَرَ وَبَقِيَ الْكَلَامُ هَلْ يُكْرَهُ لِسَامِعِ الْمُؤَذِّنِ فِي حَالِ الِاضْطِجَاعِ اسْتِمْرَارُهُ عَلَى الِاضْطِجَاعِ مَعَ حِكَايَتِهِ لِلَّفْظِ الْمُؤَذِّنِ أَوْ الْجُلُوسِ لَهُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَغْلَظَ عَلَى مَنْ سَأَلَ عَنْ حَدِيثٍ فِي حَالِ قِيَامِهِ فَكَيْفَ الْحَالُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الْجَوَابُ الْآيَةُ الشَّرِيفَةُ وَارِدَةٌ فِي الْحَثِّ عَلَى الذِّكْرِ فِي كُلِّ حَالٍ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ فِي حَالَةٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ أَنَّ السَّامِعَ لِلْمُؤَذِّنِ فِي حَالِ قِيَامِهِ لَا يَجْلِسُ وَفِي حَالِ جُلُوسِهِ يَسْتَمِرُّ عَلَى جُلُوسِهِ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ وَلَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ لَا صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ وَلَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ فَيَجُوزُ لِلسَّامِعِ إذَا كَانَ قَائِمًا أَنْ يَجْلِسَ، أَوْ جَالِسًا أَنْ يَضْطَجِعَ أَوْ مَضْجَعًا أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى اضْطِجَاعِهِ وَيَجِبُ الْمُؤَذِّنَ حَالَ الِاضْطِجَاعِ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ وَأَمَّا إغْلَاظُ الْإِمَامِ مَالِكٍ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ وَخُصُوصًا الْحَدِيثُ لَهُ خُصُوصِيَّةٌ فِي التَّوْقِيرِ، وَالتَّبْجِيلِ أَعْظَمُ مِمَّا يُطْلَبُ فِي الذِّكْرِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ إذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ لَا يَتَوَجَّهُ مِنْ مَكَانِهِ لِمُخَالَفَتِهِ الشَّيْطَانَ فَهَذَا صَحِيحٌ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ لَكِنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَسْجِدِ. اهـ. بِاخْتِصَارٍ فَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ بِمَا يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ مِثْلُ قَوْلِهِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ وَمَنْ تَبِعَهُ كَالْإِسْنَوِيِّ وَتَلْحِينُ الْأَذَانِ لَا يُسْقِطُ الْإِجَابَةَ إنْ أَثِمَ بِهِ. اهـ. قَالَ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِثْمَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، ثُمَّ إطْلَاقُ حُرْمَةِ تَلْحِينِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَمَدِّ هَمْزَةِ أَكْبَرُ وَنَحْوِهَا مِمَّا مَرَّ فِي الْأَغْلَاطِ الَّتِي تَقَعُ لِلْمُؤَذِّنِينَ. اهـ. وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِسَنِّ الْإِجَابَةِ مَعَ تَغْيِيرِ مَعْنَاهُ وَكَانَ وَجْهُهُ وُجُودَ أَلْفَاظِهِ وَحُرُوفِهِ وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهَا غَيْرُهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، بَلْ فِي إجْزَائِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ قَالَ فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ وَالظَّاهِرُ تَدَارُكُهُ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ أَيْ فِيمَا لَوْ تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ إلَى الْفَرَاغِ وَلَا تُشْرَعُ الْإِجَابَةُ لِمَنْ لَا يَسْمَعُهُ لِصَمَمٍ، أَوْ بُعْدٍ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ. اهـ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ أَيْضًا تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَوْ سَمِعَ بَعْضَهُ أَجَابَ فِيهِ وَفِيمَا لَا يَسْمَعُهُ تَبَعًا فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَالْإِقَامَةِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَوْ ثَنَّى حَنَفِيٌّ الْإِقَامَةَ أُجِيبَ مُثَنًّى قَالَ فِي شَرْحِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُقِيمُ فَأُدِيرَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يَأْتِي بِهِ، ثُمَّ أَبْدَى احْتِمَالًا أَنَّهُ لَا يُجِيبُ فِي الزِّيَادَةِ إلَى أَنْ قَالَ فِي تَوْجِيهِ هَذَا الِاحْتِمَالِ وَكَمَا لَوْ زَادَ فِي الْأَذَانِ تَكْبِيرًا، أَوْ غَيْرَهُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُتَابِعُهُ. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ فِي اعْتِقَادِ الْآتِي بِهَا إلَخْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُفَسَّرَ اللَّفْظُ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ فِي الْبَعْضِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ سَمِعَ الْبَعْضَ إلَخْ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَا هُنَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيُجِيبُ نَدْبًا السَّامِعُ وَلَوْ لِصَوْتٍ لَمْ يَفْهَمْهُ كَمَا جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ. اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ السَّامِعَ لِصَوْتٍ لَا يَفْهَمُهُ يُجِيبُ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ فَبَحَثَهُ وَنَظَرَ الْإِسْنَوِيُّ فِي إجَابَتِهِ لِنَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِالْفَتْحِ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْعُمُومَاتِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ وَنُوزِعَ فِي وَجْهِ الْبِنَاءِ عَلَى ذَلِكَ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يُجِيبُ نَفْسَهُ أَخْذًا مِنْ مُقْتَضَى الْأَحَادِيثِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا يَأْتِي) يُفَرَّقُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جُنُبًا) صَرِيحٌ فِي اسْتِحْبَابِ إجَابَتِهِمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جُنُبًا وَحَائِضًا) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ كَرَاهَةِ إجَابَةِ الْمُحْدِثِ، وَالْجُنُبِ، وَالْحَائِضِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ كَرَاهَةُ الْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ لَهُمْ وَفَرَّقَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ، وَالْمُقِيمَ مُقَصِّرَانِ حَيْثُ لَمْ يَتَطَهَّرَا عِنْدَ مُرَاقَبَتِهِمَا الْوَقْتَ، وَالْمُجِيبُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ إجَابَتَهُ تَابِعَةٌ لِأَذَانِ غَيْرِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ غَالِبًا وَقْتَ أَذَانِهِ. اهـ. قَالَ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَهُوَ حَسَنٌ مُتَّجِهٌ. اهـ. وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ كَرَاهَةُ ذِكْرِهِمْ فِي غَيْرِ الْإِجَابَةِ إذَا تَيَسَّرَ تَطَهُّرُهُمْ لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ: «كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ إلَّا الْجَنَابَةَ» قَدْ يَقْتَضِي عَدَمَ الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا وَتَقَدَّمَ عَنْ التِّبْيَانِ مَا أَفَادَ عَدَمَ كَرَاهَةِ ذِكْرِ الْمُحْدِثِ وَعَنْ فَتَاوَى السُّيُوطِيّ عَدَمُ كَرَاهَةِ ذِكْرِ الْجُنُبِ أَيْضًا وَسَيَأْتِي.